مقالات

الركن القانوني للجريمة بين الشريعة والقانون من المعلوم فقها وقانونا أهمية الركن الشرعي أو الركن القانوني للجريمة في مسألتي التجريم...
  أخلاقيات  الشرطة . تكتسي أخلاقيات كل مهنة ركنا ركينا لا غني عنه لتلك المهنة ، صيانة للحقوق وحفاظا علي الواجبات ،...
    حقوق الإنسان والشرطة الوطنية   يشكل موضوع حقوق الإنسان أهمية بالغة في حياة الناس ضمن معادلة الأمن والتنمية ، ويعود الاهتمام...
تكتسي الشركات بصفة عامة أهمية بالغة في حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية ، في كافة مجالاتها ، وتكتسي أهمية أكبر عندما...
  المدير العام للأمن الوطني يكتب: الشرطة الوطنية تواكب تنفيذ الشق الأمني في برنامج رئيس الجمهورية   شكل البرنامج الانتخابي الطموح لرئيس الجمهورية محمد...
  المفوض الرئيسي محمد ولد أحمد جدو   طالعت العدد رقم 10من مجلة الشرطة وأعجبت بطريقة الإخراج من حيث الشكل والمضمون فاتصلت بزميلي...
  مقاربة المديرية العامة للأمن الوطني للحد من الانحراف والجريمة يبدو العنوان متشعبا وتستحيل الإحاطة بجميع جوانبه، إلا أن ذلك لا يمنع...
  التوعية الأمنية والأمن العمومي   تعتبر التوعية الأمنية ركيزة أساسية في أي خطة أمنية، فهي نبراس المواطن والمقيم الذي يضيء لهما...
   القرار الإداري بين زاويتين   يكتسي القرار الإداري أهمية بالغة في دولة الحق والقانون، لأنه مصدر للعديد من الحقوق والالتزامات، فالقرار الإداري...

 

مقاربة المديرية العامة للأمن الوطني للحد من الانحراف والجريمة

يبدو العنوان متشعبا وتستحيل الإحاطة بجميع جوانبه، إلا أن ذلك لا يمنع من محاولة إثارة بعض جوانبه؛ سعيا إلى الوقوف على أهم الجهود المبذولة من طرف إدارة الأمن للحد من الانحراف، أو بعبارة أخرى ماهي المقاربة أو المقاربات التي تتبعها مديرية الأمن للحد من الانحراف والجريمة؟

لسنا هنا بصدد مقاربة أمنية حيث تبني الحلول الأمنية فقط لمكافحة الجريمة كما يتبادر إلى الذهن أولا، لكننا بصدد مقاربات (خطط ـ استراتيجيات ـ سياسات) تضعها المديرية العامة للأمن الوطني للحد من الجريمة، وهي في الواقع سياسات شاملة تراعي جميع الجوانب التي لها دور في انتشار الجريمة أو الحد منها، حيث يتم تشخيص الواقع للوقوف على المستوى الذي وصلت إليه الجريمة ومعرفة العوامل التي تؤدي إلى الانحراف أو تزيد منه، وكذلك أنجع الطرق لمحاربة الانحراف.

هذا التشخيص لا يقف عند حد الانحراف بل يمتد ليشمل المديرية العامة للأمن الوطني ذاتها من أجل تقييم الإمكانيات المادية والبشرية والفنية المتاحة لمواجهة الانحراف.

انطلاقا من الواقع المشخص يتم وضع المقاربة الأمنية الهادفة إلى تحقيق الأمن، ومن البداهة القول إن إمكانيات المديرية العامة للأمن يجب أن تفوق أو تساوي على الأقل التحديات الأمنية القائمة.

وفي الآونة الأخيرة وقعت جرائم أثارت الرأي العام وصاحبتها إشاعات أثارت الخوف؛ مما جعل البعض يرى أن هناك انفلاتا أمنيا ويشكك في نجاعة المقاربات الأمنية.

وخلال هذه الورقة سنحاول إجابة الأسئلة التالية:

-  هل المقاربة الأمنية المعتمدة من طرف المديرية العامة للأمن الوطني من شأنها توفير الأمن يشكل فعال؟

-  هل تحمل هذه المقاربة توازنا بين أمن الدولة ومؤسساتها وأمن الأفراد؟

- هل تتضمن هذه المقاربة توازنا فيما يتعلق بمواجهة التحديات الأمنية الكبرى:

· الإرهاب؛

·  أمن الأفراد والممتلكات؛

·  الفساد وغسل الأموال؛

·  الهجرة؛

·  التهريب؛

·  المخدرات والمؤثرات العقلية؛

·  الأخلاق العامة...

أم هناك اختلالات لصالح بعض هذه التحديات لاعتبارات دولية أو سياسية؟

- هل تقوم المقاربة على ضرورة التوازن ما بين مكافحة الانحراف والجريمة وحماية حقوق الإنسان وخاصة الجناة؟

 

المحور الأول التشخيص

- الانحراف  والجريمة؛

-  الإمكانيات المتاحة واللازمة للمواجهة.

تقوم المديرية العامة للأمن الوطني بإعداد تصور شامل عن الانحراف والجريمة، يهدف هذا التصور إلى معرفة:

- أسباب الانحراف والجريمة؛

- تحديد الجرائم الأكثر انتشارا وإثارة للرأي العام؛

- تحديد خريطة مكانية لأماكن وقوع الجريمة والأماكن المستهدفة من طرف الجناة أو ما يعرف بالأماكن الحساسة؛

- تحديد خريطة زمانية بتوقيت وقوع الجرائم.

والاعتداءات الجرمية

1 - أسباب اجتماعية:

- التفكك الأسري (أبناء بدون تربية وبدون تعليم وبدون معاش) مما يؤدي إلى الانحراف من أجل الحصول على لقمة العيش أو مستوى العيش الذي كان متوفرا لديهم من قبل (السرقة، النشل) يحصل هذا الانحراف من طرف الأبناء والأم وكذلك الأب أيضا؛

- الفوضوية او التبدي: في طريقة السكن والفوضوية في إيجار المنازل والسيارات وعدم أخذ الاحتياطات الأمنية اللازمة:

·  الحراسة بالنسبة للمؤسسات؛

· الإنارة؛

·  الكاميرات؛

· عدم إحكام إغلاق المنازل أو تسويرها.

- عزوف المواطن عن القيام بواجبه تجاه المجتمع: حيث يمتنع أغلبهم من الشكاية من الجناة خوفا من تضييع وقته، ويمتنعون أيضا من الشهادة لنفس السبب وبذلك تضيع العدالة والحقوق، ويعزف أغلبهم عن ذلك رغم أن واجبه المدني والشرعي يقتضيه حفاظا على المصلحة العامة (تحقيق الأمن) لكنه يرجح مصلحته الشخصية (عدم تضييع الوقت)؛

-  انتشار الجهل والتسرب المدرسي

- ثقافة التسامح أو التسوية الودية لاعتبارات قبلية أو شخصية بعيدا عن المصلحة العامة؛

- انتشار وسائل التواصل الاجتماعي: ساهم في الانحراف وسهله كما ساهم في نشر الجرائم بسرعة وخاصة الأخلاقية؛

- شيوع ثقافة الوساطة والتدخل والمحسوبية والزبونية التي تؤدي في الغالب إلى تضليل العدالة وطمس الحقيقة لاعتبارات بعيدة عن المصلحة العامة.

2 - العوامل المتعلقة بثغرات قانونية:

- قانون القصر: فتح قانون حماية الأطفال المتنازعين مع القانون ، الباب أمام نوعين من التحايل من طرف الجناة من أجل الاستفادة من الامتيازات الممنوحة للقصر؛

·  بعض الأشخاص ينحدر من أسر إجرامية لا تهتم بالوثائق وأحيانا تتعمد عدم الحصول عليها من أجل ادعاء عدم بلوغ سن 18؛

· البعض الآخر يعمد إلى إتلاف أوراقه أيضا من أجل ادعاء أنه قاصر؛

· البعض الآخر يأخذون معهم قاصر للاستفادة من التسهيلات القانونية الممنوحة له.

- تشريع قوانين في غاية التطور الحقوقي تتعلق بحماية المشتبه فيه أو المتهم كما هي في الدول المتقدمة رغم اختلاف ظروف البحث الجنائي حيث تتوفر تلك الدول على كافة الوسائل للحصول على أدلة الإثبات (كاميرات، حمض نووي، تشريح طبي، بصمات، تقنيات اتصال وتتبع ...) في حين لا تزال أغلب هذه الوسائل غير متاحة في بلدنا؛

- وجود فراغ قانوني يمكن استغلاله من طرف الجناة (عدم تجريم حمل السلاح في الأماكن العامة؛

 عدم مراعاة ملابسات حوادث السير واعتبارها جميعا تدخل في إطار الخطأ مهما كانت ظروف ارتكابها مثل ما يقوم به بعض الشباب من سياقة متهورة تؤدي إلى القتل ويتم تصنيفه قانونا على أنه حادث سير).

3  - العوامل الديمغرافية:

- زيادة سكان المدن الكبرى؛

- توسع المدن بشكل فوضوي (انعدام الإنارة ـ وفوضوية المنازل)؛

- عدم عنونة المدن والمساكن.

4  - العوامل الإجرامية:

انتشار جرائم بطبيعتها تؤدي إلى جرائم أخطر) منها:

- الخمور لسهولة تصنيعها (سمسم مصانع شعبية في الأحياء الشعبية)

- حبوب الهلوسة لسهولة الحصول عليها من طرف الصيدليات

- المخدرات نظرا للموقع الجغرافي للبلد حيث تمر تجارة تهريب المخدرات كما أنها تزرع في بعض دول الجوار.

 

ثانيا / تحديد الجرائم الأكثر انتشارا وإثارة للرأي العام

يسهر جهاز الشرطة الوطنية على احترام سيادة القانون ومتابعة أي انحراف عن القوانين والتنظيمات المعمول بها في المجال الجنائي بصفة عامة، إلا أن المديرية العامة للأمن الوطني تدرك أن بعض هذه الجرائم يحظى باهتمام خاص لدى المواطنين وتثير الرأي العام مما يحتم توفير الجزء الأكبر من الإمكانيات لمحاربتها وأهمها:

-  جرائم القتل؛

-  جرائم الاغتصاب؛

-  جرائم الحرابة (السلب)؛

- جرائم السرقة وخاصة عندما تكثر؛

-  الجرائم الأخلاقية؛

- التجمهر المسلح وخاصة عندما تصاحبه أعمال العنف والنهب؛

قد لا يعكس ذلك بالضرورة درجة خطورة الجريمة فبعض الجرائم أكثر خطورة من هذه الجرائم لكنها لا تثير الرأي العام نظرا لعدم وجود ضحايا مباشرين يتعاطف معهم الرأي العام مثل الجرائم المتعلقة بالمخدرات (الاستهلاك ـ التهريب ـ الاتجار) والجرائم المتعلقة بالفساد وغسل الأموال، هذه الخطورة جعلت الإدارة العامة للأمن الوطني تنشئ مكتبا خاصا لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية ومديرية خاصة بمكافحة الجرائم الاقتصادية.

 

ثالثا / تحدد الأماكن الحساسة وأماكن وقوع الجرائم

بناء على المعطيات الأمنية والاقتصادية يتم تحديد الأماكن التي تعتبر أهدافا مهمة للجناة وكذلك الأماكن التي يتكرر حصول الجريمة فيها وتصنف مناطق حساسة يتم تعزيز الامن فيها بمختلف الوسائل (الدوريات ـ نقاط التفتيش).

 

رابعا / تحديد خريطة زمانية بأوقات الجرائم من أجل زيادة اليقظة في تلك الأوقات وترصد الجناة وتعزيز الإجراءات.

 

المحور الثاني

الآليات المتخذة لمحاربة الانحراف والجريمة

-  الإجراءات المتخذة للوقاية من الجريمة؛

-  الإجراءات المتخذة لمتابعة المجرمين وتوقيفهم.

بناء على التشخيص السابق يتم وضع تصور شامل عن مستوى الإجرام وتصنيفه ودوافعه وبناء على هذا التصور يتم وضع خطة تحرص على:

-   تحليل البيانات واستغلالها؛

-  تسخير الإمكانيات اللازمة؛

-  ترتيب الأولويات؛

-  تقييم مستوى الأداء بشكل يومي.

وانطلاقا من ذلك يتم تبني سياستين:

·  سياسة وقاية؛

·  سياسة جزرية.

أولا / الوقاية من الجريمة

1 - جمع المعلومات: تعتمد إدارة الأمن على جمع المعلومات من مصادرها المختلفة لاستباق الحدث وهذا هو الدور الأهم لأجهزة الأمن إلا أن جهودا كبيرة تبذل في هذا المقام قد لا يكون متاحا الاطلاع عليها للجميع.

وفي هذا الإطار ونظرا لأهمية هذا الدور الاستباقي تسخر إدارة الأمن الكثير من الطاقات المتاحة ماديا والمرخصة قانونا من أجل الحيلولة دون وقوع الجريمة وتفكيك العصابات.

ولدعم هذا التوجه عمدت وزارة الداخلية مؤخرا إلى تشكيل لجان اليقظة والتحسيس في جميع أحياء العاصمة نواكشوط.

ومن شأن هذه اللجان أن تضمن التغطية الشاملة لجميع أحياء العاصمة، حيث يتم التبليغ عن أي خطر محتمل أو شخص مشتبه فيه أو غريب أو أي مسكن تمارس فيه أعمال تخالف القانون ومن شأنها أيضا تدعيم دور المرشدين التقليديين وتجنب عيوبهم، إلا أن هذه التجربة لا تزال في طور النشأة وتحتاج التأطير حتى تحقق أهدافها.

يتم كذلك جمع المعلومات عن طريق الاستماعات التي يقوم بها عناصر الأمن، سواء تعلق الأمر بمراجعي المصالح الأمنية من أجل الحصول على خدمة (شكاية ـ تصديق وثائق ـ تبليغ) أو تعلق الأمر بموقوفين على خلفية الاشتباه في جرائم.

مثل هذه المعلومات تساهم بشكل كبير في تفكيك العصابات قبل القيام بعمليات إجرامية.

2 - إنارة الجهات العليا حول أسباب الجريمة ودوافعها من أجل إعطاء التعليمات للجهات المعنية لوضع حلول مناسبة في الوقت المناسب.

3 - التنسيق: وذلك عند حصول أي جريمة، حيث يتم إبلاغ جميع المسؤولين الأمنيين والوحدات، من أجل التضييق على المجرمين حتى لا يتمكنوا من ارتكاب جرائم لاحقة.

(فليست الخطورة في وقوع الجريمة، فالجريمة لابد أن تقع، لكن الخطورة في تكرارها، خصوصا في وقت وجيز ومن طرف نفس الجناة)

4 - الدوريات: (ثابتة ـ متحركة ـ راجلة ـ منقولة ـ متخفية ـ في الزي الرسمي) هذه الدوريات من شأنها البحث عن المجرمين وتقديم ملاحظات تفيد البحث.

5 - النجدة: في إطار تحسين جودة الخدمات الأمنية وتقريبها من المواطنين أنشأت الإدارة العامة للأمن الوطني وحدات النجدة 117 وقامت بتوزيعها على أحياء العاصمة من أجل سرعة التدخل حيث يتم ربط طالب النجدة بالسيارة أو المصلحة الأمنية الأقرب إليه.

6 - إنشاء مديريات متخصصة للوقاية من بعض الجرائم الأكثر خطورة:

- الإرهاب: مديرية الاستخبارات

-  المخدرات: مكتب مكافحة المخدرات

- الفساد وغسيل الأموال: مديرية الجرائم الاقتصادية

- الجرائم السبرانية: مديرية المعلوماتية

7 - حظر التجوال.

8 - الحملات الأمنية ضد أصحاب السوابق.

ثانيا / الإجراءات المتخذة لمتابعة المجرمين

1 -  تلقي الشكايات والتبليغات

2 -  المعاينات

3 - البحث

4 -  التوقيفات

5 -  الإحالة إلى النيابة

6 -  التوثيق: أخذ الصور والمعلومات المتعلقة بالجناة.

-  الهوية

-  نوع الجرائم المرتكبة

-  العناوين

-  إنشاء مركز المراقبة بالكاميرات.

 

ثالثا / التقييم والمقترحات

من الواضح أن المقاربة الأمنية تسعى لوضع خطة شاملة تأخذ في الحسبان جميع العوامل المؤثرة في الأمن وتهدف إلى تحقيق توازن ما بين الحفاظ على المصالح العامة للدولة وتأمين مؤسساتها والحفاظ على المال العام حيث أنشأت مصالح خاصة لتحقيق هذا الهدف (الاستخبارات ـ الجرائم الاقتصادية ـ سرايا حفظ النظام) وذلك بالتوازي مع الحرص على تأمين الأفراد في أرواحهم وممتلكاتهم وقيمهم.

وفي إطار التنسيق الدولي فيما يتعلق بالجرائم العابرة للحدود (الإرهاب ـ  التهريب ـ الهجرة) اعتمدت الأجهزة الأمنية سياسة تشاركية مع إعطاء الأولوية للمصالح الوطنية والأمن الداخلي.

وفيما يتعلق بالحقوق والحريات تم تبني أحدث القوانين في هذا الصدد سواء تلك المتعلقة بمحاربة التعذيب أو المتعلقة بحقوق السجناء  ولمواكبة هذه القوانين عملت الإدارة على تكوين عناصرها في مجالات حقوق الإنسان وذلك بالتعاون مع المنظمات الدولية وهيئات المجتمع المدني.

ورغم المجهودات الجبارة التي تبذلها المديرية العامة للأمن الوطني للحد من الانحراف والجريمة التي تعتبر هي المسؤول الأول عن الأمن الداخلي إلا أنها بحاجة ماسة إلى تعزيز قدراتها وسد الثغرات والنواقص التي خلفها النظام السابق والتي أضرت كثيرا بالقدرات الأمنية لهذا الجهاز فقد تم تعطيل الاكتتاب 7 مرات في القطاع مما حرمه من الحصول على العناصر اللازمة لمواكبة التحديات كما تم حرمانه من اقتناء العتاد اللازم لمواكبة العصرنة.

FaLang translation system by Faboba